كيف تكون الزراعة في ظل حكم الإسلام، كيف يتم للشخص بسهولة وبساطة بناء أرض أو زرعها:
الأرض بالمجان
أولاً: يبيح الإسلام ـ بالمجان ـ وكهدية سائغة ـ الأرض لمن أحياها، كما دلّت على ذلك النصوص الكثيرة،
ثايناً: إذا أحيى شخص أرضاً، ثمّ تركها حتّى ماتت، فيجوز لآخر أن يحييها بالزرع والبناء مجاناً، وليس للمحيي الأول حق المنع عن إحيائها، إلاّ إذا كان المحيي الأول مالكاً لها، بوجه من الوجوه الشرعية، فيؤدي المحيي الثاني أجرة الأرض إلى صاحبها أو يشتريها منه.
«إنّ الأرض لله يورثها مَنْ يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين. وذلك لأنّ الإسلام يهدف تكثير الزرع، وتوسيع البناء، فالشخص مادام هو مشغولاً بإحياء الأرض ليس لأحد معارضته.
أما إذا ترك الأرض، حتّى صارت مواتاً خراباً، فلا تبقى له سلطة عليها، وترجع إلى حالتها الأولى مباحة لمن عمرها، وأحياها.
ثالثاً: لا يوجب الإسلام لاحياء الأرض الجرداء التي لا مالك لها، ولا لشرائها أو استيئجارها، تقديم عريضة إلى الحكومة، والإستئذان منها، والتسجيل أو التسوية، أو غير ذلك والذهاب والمجيء، واللف والدوران، وبذل الجهود والأموال وإفناء الطاقات، وغير ذلك في الروتينيات.
إذ أنّ هذه القيود هي التي تقف دون إزدهار الزراعة ، وتمنع عن تقدم العمران.
ولذلك نرى الإسلام لا يقرّ شيئاً من تلك الأمور، بل يعتبر بناء مجرّد حائط حول أرض شروعاً في إحيائها، ويكتفي بها.
فقد روي عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: «مَنْ أحاط على أرض فهي له»(3).
وعليه فكل مَنْ بنى حائطاً في أطراف أرض، كان ذلك بمنزلة شراء تلك الأرض، وتسجيلها في أو التسوية وتحصيل الإجازة، للبناء والزراعة، وما إلى ذلك.
ثمّ أنّ الإسلام لا يتعرّض لتحديد مقدار البناء، والزرع، كما تحدد ذلك الحكومات اليوم في العالم. بل بالعكس يحبذ الإسلام التوسعة في البناء والزرع إلى حدٍّ لم يكن فيه هضم حقوق الآخرين.
فالى أيّ مقدار تتصور تقدّم العمارة في البلاد في ظل الإسلام؟
وإلى أي مدى تظن ارتفاع المستوى الزراعي في حكم الإسلام؟
النتائج
ولما تحكّمت ـ في البلاد الإسلامية ـ قوانين الشرق والغرب المستوردة، التي تحدّ من نشاط البناء والزرع، اكتنز الأغنياء المثرون ثرواتهم التي لم تكن الحكومات تسمح بصرف مجموعها في البناء والزرع، وجمّدوها عن المشاركة والإستثمار، فبقيت على أثر ذلك الايادي العاملة عاطلة عن العمل ، حيث انهم فقراء ولا مال لهم يبنون به أو يزرعون..
فتقلّص الزرع وتدهور الإقتصاد، وكثرت البطالة وساد الفقر جميع البلاد.
وهنا بادرت بعض الحكومات في البلاد الإسلامية واستجارت من الرمضاء بالنار وجاءت بقانون: الإصلاح الزراعي، لتوفير الزراعة، فصنعوا لها وزراة أسموها: وزارة الإصلاح الزراعي، ووضعوا فيها قوانين لإستخراج الأرض ـ المملوكة لأناس ـ من أيدي مالكيها، وتوزيعها على الفلاحين.
وذلك ليعمل كل فلاح في قطعة أرض له ويزرعها، بغية أنْ تتقدّم الزراعة، ويعم الزرع البلاد !
ولكن النتيجة كانت عكسية ذلك حيثُ تراجع الزرع وتقلّصت المزارع، أكثر فاكثر.
نعم إننا حينما ننظر إلى الوضع الزراعي والأمور الزراعية للبلاد الإسلامية نجد الزراعة في العهد الإسلامي أوفر ـ بعشرات المرات ـ من الزراعة في أحضان قانون الإصلاح الزراعي الوضعي.
أمثال ونماذج
فالعراق مثلاً كانت كلُّ أرضها مزروعة في العهد الإسلامي، بينما اليوم الذي أصبح للإصلاح الزراعي وزارة فيها ـ نرى أرض العراق قد أصبحت جرداء في طولها وعرضها، لا غرس ولا زرع فيها إلاّ القليل والقليل منها.
ولو أردنا أنْ نقيس البلاد الإسلامية قبل الإصلاح الزراعي بما بعد الإصلاح الزراعي لوجدنا البون شاسعاً أيضاً.
فهذه العراق المعروفة بأرض السواد ـ مثلاً ـ كانت قبل الإصلاح الزراعي الوضعي تُصدّر الطعام إلى الخارج سنوياً، بينما نراها حينما جاء فيها قانون الإصلاح الزراعي ووزعت الأرض على الفلاحين، أصبحت تستورد الطعام ـ من الحنطة والشعير والأرز وغيرها ـ من الخارج سنوياً !
الاسم: شيمة الحمادي
الصف : ثامن (5)